المصاهرة قديمًا:
كان الناس قديمًا يحرصون على مصاهرة الأهل والأقارب؛ وذلك لقناعتهم بأن ذلك يزيد في الترابط الأسري، والتماسك العائلي، ولكنهم أيضًا قد يتزوجون من غير الأقارب أو القبيلة، فإن كانت العروس غريبة عنهم وقعت مهمة البحث عنها على كاهل الخاطبة أو الرسول أو إحدى القريبات التي كانت لديها القدرة على تقييم الفتاة وعائلتها ، ولم تكن التقاليد قديمًا تسمح للخاطبة بالمجاهرة بالأمر؛ لأن ذلك يتنافى والحياء العام الذي تتميز به الأسرة الإماراتية.
العريس الإماراتي كغيره من الشباب العربي الخليجي يحرص على مصاهرة الأسرة المعروفة بمكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، والمكانة الاجتماعية المرموقة بين الناس.
لم تكن الفتاة قديمًا صاحبة رأي في زواجها ، بل كان الرأي لوالدها أو ولي أمرها حتى في الأمور الصغيرة أو التفاصيل الدقيقة، مثل وقت العرس ومكانه وملابسها. لكن الفتاة كانت تحرص على تعلم الطبخ والتنظيف وكل ما يخص المنزل؛ وذلك حتى تستقيم حياتها الزوجية.
" لكل قبيلة صداق متفق عليه، وكان مهر العروس في البادية لا يتعدى سبع ( توامين )، في حين تراوح مقدار الصداق عند أهل المدن بين أربعين إلى مئة تومان." (1)
يتكفل العريس بكل شيء في الزواج بدءًا من المهر، وإعداد المنزل وتأثيثه، إلى حفل الزواج وفي مقدمتها الوليمة.
الزواج والتضامن الاجتماعي:
تظهر في المجتمع الإماراتي فكرة التضامن الاجتماعي وخاصة في احتفالات الزواج ؛ حيث يقوم أفراد المجتمع بالمساعدة في إتمام الزواج وحفلاته ومراسيمه، ويقدمون الهدايا من الذبائح أو النقود.
احتفالات الزواج :
تقام احتفالات الزواج عادة في بيت العروس، وقد تدوم مدة يومين أو ثلاثة أو سبعة ، ثم تزف العروس بعد ذلك إلى زوجها ليلة الجمعة بعد عقد القران، ويستضيف أهل العروس العريس في بيتهم سبعة أيام بلياليها، ثم بعد ذلك يقوم أهل العروس والجيران والأقارب بزفهما إلى بيت الزوجية.
تبدأ احتفالات العرس كل يوم من بعد صلاة العصر حتى صلاه المغرب، ثم تتواصل في المساء من بعد صلاة العشاء إلى منتصف الليل تقريبًا، ويتم استدعاء [[التراث والفنون الشعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة| فرق الفنون الشعبية]] أيام العرس لإحياء رقصات العيالة و الرزفة ؛ وذلك لإدخال السعادة والسرور على الحضور.
تردد الفرقة أثناء العرس أهازيج ( الآهالة ) وهو صنف من الأغاني يؤدى دون استعمال الآلات الموسيقية، وعند ظهور ( البشتخته ) أي جهاز (الجراموفون ) بدأ الناس يستمعون من خلال الأسطوانات المسجلة إلى الأغاني الخليجية."
أثناء الاحتفال بالزواج يرقص الرجال بالسيوف ويطلقون الأعيرة النارية .
جهاز العروس:
تجهز العروس بأنواع من النقش بالحناء في أيديها وأرجلها، وكانت نساء الحيّ هنّ من يزينّ العروس.
يقوم أهل العريس بجلب الطعام إلى بيت أهل العروس، وتقوم أم العروس بدعوة جيرانها؛ يتعاونّ وينظفنّ العيش (الأرز) والحب (الهريس) ويقلين (يحمصن) القهوة ويطهون الأرز واللحم، ويعددن الحلوى كاللقيمات والبلاليط ثم يدعى الأهل والجيران لتناول الوليمة... وتدور فناجين القهوة على الجميع ..
ولا يفوت أهل العريس أيضًا أن يرسلوا ما تيسر من الطعام للمرضى وكبار السن ممن لا يستطيعون المجيء.
يسمي أهل الإمارات جهاز العروس ب ( الزهبة ) وهي تعني الذهب والملابس والعطور، وعند بعض القبائل تكون ( الزهبة ): مجموعة من الحقائب بها ثياب وعطور وأحذية وذهب ومجوهرات، وكان الذهب يتكون من الطاسة التي (تلبس على الرأس) ، والمرية والكواشي (حلق) والمرتعشة (قلادة) والحيول أبو الشوك (نوع من الأساور) والمرامي (نوع من الخواتم).
تنقسم الزهبة إلى قسمين : قسم للعروس، وقسم لأهل العروس، وخاصة أم العروس التي توزع من هذه الزهبة على صديقاتها وجيرانها .
تشتمل الزهبة أيضًا على الحاجات الضرورية التي التي تسمى ( المير ) كالأرز والطحين والسكر والشاي والأغنام وغيرها من المواد الغذائية .
خصائص الزواج الإماراتي قديمًا :
كان أبناء الإمارات قديمًا يتزوجون في سن مبكرة ؛ خاصة إذا كان الأب ميسور الحال قادرًا على إعالة أسرته وأبنائه، وقد يتزوج الفتى وهو في سن السادسة عشرة من عمره، أما الفتاة فقد تتزوج في سن الثانية عشرة . ولهذا الزواج المبكر أهمية كبيرة في المجتمع الإماراتي؛ حيث يحفظ الأبناء ويصونهم، ويؤدي إلى زيادة عدد الأولاد؛ مما يعزز مكانة الأسرة الاجتماعية، ويزيد الأيدي العاملة المنتجة في الأسرة، ويرضي الكبار ؛ حيث تمثل الذرية الجديدة ضماناً لامتداد الأسرة .
لم تكن للزواج الإماراتي قديمًا الكثير من الشروط المعقدة ؛ فقد كان عقد القران أو ما يسمى: "( الملجة) يتم بحضور ولي الزوج وولي الزوجة وبحضور شاهدين ومأذون النكاح (المطوع ) ، ويصافح ولي العروس المعرس ( العريس ) ، ويضع المأذون يده اليمنى فوق أيديهما ويقول لولي العروس قل: “ نويت أن أزوج فلان بن فلان لابنتي فلانة زوجة له على سنة الله ورسوله “، ويقول للمعرس قل:” نويت أن أتزوج فلانة بنت فلان زوجة لي على سنة الله ورسوله”، وبعد العقد يقوم المعرس أو أحد أقربائه بإطلاق ثلاث طلقات نارية في الهواء من بندقيته لإعلام أهل القرية بزواجه ، وقد تكون الملجة قبل العرس بليلة ، وأحيانا تكون ليلة العرس. "(3)
الشروط الخاصة لإبرام عقود الزواج الإماراتي حديثًا:
- حضور الخاطب والمخطوبة والولي أو من ينوب عنهما قانونًا على أن يكونوا عاقلين بالغين سن الرشد 21 سنة.
- حضور شاهدين عاقلين بالغين راشدين إذا كانت المخطوبة أرملة أو مطلقة؛ فيجب إبراز ما يثبت ذلك، مع ضرورة إتمامها العدة، وأن تكون خالية من أية موانع شرعية.
- إذا كانت المخطوبة حديثة العهد بالإسلام، يجب إحضار شهادة إشهار الإسلام، وشهادة تفيد أنها غير متزوجة، وأن تكون خالية من أية موانع شرعية.
- إذا كانت الوكالة أو أية وثيقة أخرى صادرة من خارج دولة الإمارات، يشترط أن تكون مترجمة ومصدقة حسب الأصول.
- إذا كانت المخطوبة خادمة أو مربية أو من في حكمهما، يشترط إحضار موافقة الكفيل.
الأعراس الجماعية وصندوق الزواج:
صندوق الزواج:
مع تطور المجتمع الإماراتي اقتصاديًّا واجتماعيًّا دخلت كثير من المظاهر والعادات على طقوس الزواج ؛ فلم تعد احتفالات الأعراس تقام في الحيّ نفسه، بل أصبحت تقام في فنادق أو صالات أعراس متخصصة، ولم يعد أهل العريس يعدون الولائم بأنفسهم، ولكن يتولى ذلك المكان الذي يقام فيه حفل العرس، كما أن ملابس العروس تغيرت؛ فقد أصبحت ترتدي الثوب الأبيض بدلًا من الثياب الشعبية التقليدية، وتتزين على يد أمهر خبيرات التجميل.
إلى جانب ذلك ظهرت المبالغة في المهور والمغالاة في تكاليف الزواج؛ مما انعكس سلبًا على الحياة الاجتماعية الأسرية؛ فتأخر سن الزواج، وعزف بعض الشباب عنه، أو لجأوا إلى الزواج من أجنبيات.
"ومن هنا كانت التوجيهات السامية- للمغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بإنشاء صندوق الزواج عام 1992 م "(5) ؛ ليثبت أن التكافل الاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة ليس بين الأقارب الأهل والجيران فقط، بل إن أولي الأمر يتولون مسؤوليتهم في تيسير أمر الزواج كداعمين وميسرين له بين جميع أفراد المجتمع الحاكم مع المحكومين.
الأعراس الجماعية:
جاءت فكرة الأعراس الجماعية لتحقق أهداف صندوق الزواج الرامية إلى تيسير أمور الزواج وتحمل نفقاته، إلى جانب أنها تدخل الفرحة إلى قلوب المجتمع بأسره، وهي تفتح الباب أمام النفوس الكريمة الراغبة في بذل الخير لتقدم المساندة والدعم للشباب في بدء حياتهم الزوجية.
" أقيم العرس الجماعي الأول بدعوة من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة يوم الأحد 24/6/1990م لأربعين عريسًا وعروسة في منتزه الجزيرة بالشارقة ....وقامت جمعية الأعمال الخيرية بإعداد برنامج حافل مع هذه البادرة الخيرة، وقامت فرق الفنون الشعبية بتقديم الأهازيج الشعبية. " (6)
" نظمت مؤسسة صندوق الزواج العرس الجماعي الأول للشباب من أبناء الإمارات في دبا الحصن في الثالث من شهر يوليو 1996 م بعد ست سنوات تقريبًا من إنشاء صندوق الزواج. " (7)
- تضاف أتعاب المأذون الشرعي إذا تم عقد القران خارج دائرة القضاء." (4)