مكانة المرأة في الإسلام :
إذا كان للرجل شريك حقيقي فهو لمرأة ؛ أَوَ ليس هذا العالم مؤلف من ذكر وأنثى؛ إن المرأة هي أمُّ الرجل، وهي زوجته، وأخته، وابنته، ورفيقة دربه في جميع مراحل حياته. وقد جاء الدين الإسلامي فأكرم المرأة ، وجعل لها مكانة مميزة في المجتمع، وساوى بينها وبين الرجل في الكثير من المجالات. قال تعالى: ( وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللهُ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ). سورة التوبة ـ الآيتان :71-72.)
شعرت المرأة في ظل الشريعة الإسلامية بالشخصية المستقلة، المتمتعة بمكارم الأخلاق، الساعية إلى العزة والكرامة؛ فعمدت إلى القيام بكل ما يوجبه عليها الدين الإسلامي، وأداء ما عليها من حقوق؛ فعاشت وما زالت تتمتع بكل ما يكفل لها العزة والكرامة.
المرأة قبل قيام الاتحاد :
إن المرأة الاماراتية هي المسؤولة عن تربية الأبناء ورعايتهم، واتخاذ القرارات الهامة في الحياة الأسرية، وهي المسؤولة عن تعليم القرآن الكريم- إن كانت قد نالت قدرًا من التعليم يؤهلها لذلك- إلى جانب الكثير من الأعمال كالحياكة والتطريز، وطحن الحبوب، وتربية الماشية، وجلب الماء من الآبار، وفلاحة الأرض وسقي الزرع، وصناعة الحصير والسلال والسجاد والخيام والصناديق... إلى آخر الأعمال التي لا تستقيم حياة الأسر الإماراتية قديمًا إلّا بها.
رحلة الكفاح التي عاشتها المرأة الإماراتية قديمًا وجدت من يقدرها؛ فها هي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك قرينة - المغفور له بإذن الله - الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يقول:
" لقد عاش كل إنسان على هذه الأرض تجربة الماضي القريب، حين شاركت المرأة في الكفاح تحت أقصى الظروف، ولا بد لها أن تشارك في ثمار الحاضر والمستقبل. "(1)
وشهد التاريخ أيضًا للمرأة الإماراتية قديمًا بالدور البارز الذي كانت تقوم به، وقدرتها على صناعة الأجيال التي شاركت فيما بعد في بناء المجتمع الإماراتي الحديث
المرأة في ظل الاتحاد :
إن قيام الاتحاد عزز هذه المكانة وأبرزها، ووضع لها أطرًا قانونية وتشريعية تحقق للمرأة مكانتها، وتؤكد على دورها المحوري في المجتمع. هذه الأطر لازمة التنفيذ فهي دستور دولة، وأقوال رئيس محب لشعبه، حريص على تحقيق الرفاة لرجاله ونسائه على حد سواء.
ومما قاله – المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: " إن ما حققته المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة في فترة وجيزة، يجعلني سعيدًا ومطمئنًا بأن ما غرسناه بالأمس بدأ اليوم يؤتي ثماره، ونحمد الله أن دور المرأة في المجتمع بدأ يبرز ويتحقق لما فيه خير أجيالنا الحالية والقادمة. " (2)
ولأن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة إسلامية عربية خليجية؛ فدستورها نابع من دينها وعروبتها وانتمائها لمحيطها الخليجي... ولأن الإسلام أعزَّ المرأة وأعطاها حقوقها وساواها بالرجل في الكثير من المجالات ؛ فكذلك جاء الدستور منصفًا للمرأة معليًا من قدرها.
من مواد الدستور الإماراتي :
" مادة 14:
المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة ، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين من دعامات المجتمع والتعاضد والتراحم صلة وثقى بينهم.
مادة 17 :
التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية، ومجاني في كل مراحله داخل الاتحاد، ويضع القانون الخطط اللازمة لنشر التعليم وتعميمه بدرجاته المختلفة ، والقضاء على الأمية.
مادة 20 :
يقدر المجتمع العمل كركن أساسي من أركان تقدمه ويعمل على توفيره للمواطنين وتأهيلهم له، ويهيئ الظروف الملائمة لذلك؛ بما يضعه من تشريعات تصون حقوق العمال ومصالح أرباب العمل، على ضوء التشريعات العمالية العالمية المتطورة.
مادة 35 :
باب الوظائف العامة مفتوح لجميع المواطنين ، على أساس المساواة بينهم في الظروف ، ووفقًا لأحكام القانون. والوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها . ويستهدف الموظف العام في أداء واجبات وظيفته المصلحة العامة وحدها. " (3)
هذه المواد الدستورية العظيمة في مفرداتها تؤكد أن المرأة تتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الرجل، فالمساواة الاجتماعية هي ركيزة من ركائز المجتمع الإماراتي، وكذلك الحق في التعليم ، وفي توفير فرص العمل للجنسين.
المرأة في فكر زايد :
لم تكن مواد الدستور هي وحدها التي مهدت الأرض أمام ابنة الإمارات؛ فقد كانت كلمات المغفور له- بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لعمل المرأة وتشجيعه لها حافزًا للمرأة الإماراتية على المضي قدمًا في طريق العلم والعمل وبناء المجتمع، ولكن هذا التشجيع كان مشروطًا بالتزامها بمبادئ إسلامها، ومن أقواله:
" إنني أوافق على عمل لمرأة في أي مكان تجد فيه احترامها و وقارها، وكل موقع عمل تجده مناسبًا لها، عليها ألاّ تتوانى عن العمل به. وكما قلت فإنني أؤيد ما يؤيده الإسلام وأعارض ما يعارضه الإسلام. " (4)
ومن أقواله أيضًا : " إنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي يتناسب مع طبيعتها، وبما يحفظ لها احترامها، وكرامتها، كأم وصانعة أجيال. ولا بد أن تمثل المرأة بلادها في المؤتمرات النسائية بالخارج ؛ لتعبر عن نهضة البلاد، وتكون صورة مشرقة لنا ولمجتمعنا، ولديننا الذي أعطاها كافة الحقوق. " (5)
ومن آمال الأب الحاني لابنته الإماراتية: " أملي في اليوم الذي أرى فيه الطبيبة والمهندسة والدبلوماسية بين فتيات الإمارات ... كما إنني أتطلع إلى اليوم الذي أرى فيه فتاتنا وهي تقوم بواجبها وتلعب الدور الذي لعبته الفتيات العربيات في الدول الشقيقة " (6) ، وكأنما شقت هذه الكلمات طريقها إلى عنان السماء فكانت الاستجابة من الله العلي القدير؛ فتحقق الأمل ونالت ابنة الإمارات مكانتها اللائقة.
المشاركة السياسية :
" في إطار سعي دولة الإمارات الجاد إلى تحسين مشاركة مواطنيها في صنع القرار، والترسيخ التدريجي للممارسة الديمقراطية، شهد المجلس الوطني الاتحادي تطورًا نوعيًا بإجراء الانتخابات الثانية في 24 سبتمبر 2011 التي مكنت من انتخاب 20 عضوًا يمثلون نصف أعضاء المجلس من بينهم امرأة...
ولم تكن سياسة المشاركة هذه لتؤتي أكلها لولا اهتمام الدولة بتحسين أوضاع المرأة وتأهيلها لتكون امرأة فاعلة ومنتجة، وهو ما سمح لها باحتلال مكانة مرموقة في المجتمع الإماراتي، حيث باتت تشارك في السلطات السيادية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وارتفع تمثيلها في مجلس الوزراء في العام 2008 من مقعدين إلى أربع مقاعد، وتم تعيين ثلاث سفيرات معتمدات للدولة في الخارج، كما تشكل النساء نسبة 70% من مجموع خريجي الجامعات في الدولة، وتشغل النساء ثلثي الوظائف الحكومية . "(7)
تمكين المرأة :
تتقدم المجتمعات الإنسانية إذا استثمرت طاقات كل فرد فيها؛ ورعاية لمرأة وتمكينها أحد أبرز المعايير التي تدل على تقدم المجتمع وتطوره. وقد شهد العالم لدولة الإمارات العربية المتحدة بالتقدم والتطور؛ فمن خلال الإحصائيات احتلت الإمارات مكانة متميزة في تمكين المرأة؛ فهي: " تمثل ثلثي العاملين في القطاع الحكومي ....
وتشغل الآن مناصب عليا في جميع قطاعات المجتمع...القضاء، والسلك الدبلوماسي، والشرطة، والجيش، والأعمال والتمويل. وعلى الصعيد السياسي تتمثل المرأة بأربعة مقاعد في مجلس الوزراء. وفي العام 2011 تم انتخاب إحدى النساء، وتم تعيين (6) منهن في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان الإماراتي)
وتحتل إنجازات الإمارات في تمكين المرأة المرتبة الثامنة والثلاثين من بين 187 دولة في مؤشر التنمية المتعلق بالجنس التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2011 . " (8)
مكانة المرأة بعيون غربية :
استحوذت مكانة المرأة في الإمارات على أنظار المهتمين بقضايا لمرأة؛ فها هي مجلة (أورينت) الألمانية تشيد بالإنجازات التي حققتها المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذه الإنجازات تبرز جهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في تمكين المرأة في مجتمعها.
وفي تقرير أعدته الألمانية باربرا شوماخر عن أوضاع المرأة في الإمارات ذكرت نماذج عن نجاح المرأة الإماراتية في التأقلم مع الحياة العصرية، وحرصها في الوقت نفسه على التمسك بجذورها الاجتماعية وتقاليد مجتمعها.
" ونوهت باربرا إلى تصدر الإمارات، دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث تقدم لمرأة، مشيرة إلى أن المرأة في الإمارات تشغل نسبة 59 في المائة من وظائف القطاع الحكومي و22 في المائة من مقاعد المجلس الوطني الاتحادي، وتحدثت عن الدعم الذي تلقاه المرأة من أجل المشاركة في الانتخابات والحياة السياسية، لافتة إلى تزايد الاهتمام بإشراك المرأة في بناء المجتمع والدولة، وتوسيع نطاق المشاركة حتى أصبحت تشمل جميع الفئات والشرائح....
ورصدت باربرا دور المرأة الإماراتية في مجتمع الأعمال لافتة إلى وجود مجالس أعمال سيدات تنضوي تحت لواء غرف الصناعة والتجارة في الإمارات مثل مجلس سيدات الأعمال في أبوظبي الذي يضم أكثر من 12 ألف عضوًا". (9)