طفلك لا يحب مدرسته.. ساعديه
يفسر روجرز عالم النفس الشهير اشتياق الأطفال للدراسة وهم في مرحلة مبكرة من العمر إلى الميل الفطري نحو تحقيق الذات، هذا الميل يعتبر المحرك الدافع لدى الأطفال لترك اللعب والتوجه نحو مقاعد الدراسة، بهدف يسعون لتحقيقه ألا وهو إشباع حاجة الذات إلى الرضا عن النفس وتقدير الذات والإحساس بتقدير الآخرين له، حيث في المدرسة يشعر الطفل بأن له كيان مستقل عن أسرته إذا وجد المعلم المتمكن والإدارة الفاعلة، ويصبح للطفل دافعين للتوجه نحو الدراسة بدلاً من دافع واحد، فبجانب الميل الفطري نحو تحقيق الذات يرغب في استمرار تقدير الآخرين له فمن الثابت أن تقدير الآخرين الغير مشروط له أثر كبير في نفس الطفل.
ويبدأ الطفل في هذه المرحلة يحب نفسه أكثر أو يكرهها بناء على الصورة التي يكونها عن نفسه بناء على تقييم الآخرين، فإذا تلقى الفرد تقديراً إيجابياً من الأشخاص المهمين حوله بالنسبة له فسوف تنمو شخصيته بشكل سليم ومتوازن خلال مرحلة النمو، فيرى روجرز أن الفرد مدفوعاً بطبعه نحو أهداف إيجابية وفي ظل ظروف معقولة يستطيع فيها النمو والنضج بشكل معقول سيستطيع الطفل إظهار كافة إمكانيته وإطلاق طاقته الكامنة.
هذا الأمر لا ينطبق على جميع الأطفال، إذا نجد أطفالاً يكرهون الذهاب إلى المدرسة، أو يخافون الذهاب إليها إن صح التعبير، وذلك لم يأتي من فراغ، فهناك العديد من العوامل التي تدفع الطفل لهذا السلوك، منها:
*نقص معدل ذكاء الطفل:
حيث نجد أن نسبة تتراوح بين 70 – 90 % من الأطفال لا يجيدون الحفظ، وبالتالي سيخفقون في دراستهم، ونحن لا نستطيع اعتبارهم متخلفين كونهم يتمتعون بذكاء اجتماعي ويستطيعون الانخراط بالمجتمع، ولكن عبارة كسول التي قد يرددها البعض على مسمع هذا الطفل من شأنها أن تعمق من كراهيته لجو المدرسة وليس للمدرسة بشكل خاص، هذا بالإضافة إلى تكليفه بوظائف وواجبات قد يجد نفسه عاجزاً أمامها، وفي هذه الحالة دور المعلم والأهل يجب أن يكون متوازناً، كي لا يؤدي الأمر بالطفل إلى تكوين مفهوم سلبي عن ذاته، نتيجة اعتقاده أنه غير قادر على الاستيعاب والحفظ، ويرسخ هذا المفهوم تعامل المعلم في المدرسة مع الطفل، وتعامل ذويه معه.
*الذكاء المفرط الذي يتمتع به بعض الأطفال:
الذكاء المفرط يجعلهم يكرهون المدرسة إذا لم تتوفر لهم أوجه النشاط المناسبة والكافية لاستيعاب قدراتهم وخيالهم الذكي، فهم يشعرون بالملل والضجر لسهولة الدروس بالنسبة لهم، فلا يجدون فيه معلومات تلفت الانتباه وتحرك خياله الخصب، فيبدأ الشغب.
*عند تطوير المناهج القديمة المعتمدة على الحفظ والتلقين الممل:
وعدم التوسع في نشر تجربة المناهج الجديدة رغم إثبات نجاحها منذ عشرات السنوات في الدول المتقدمة الأخرى.
*سلوك المعلم:
حيث يؤثر سلوك المعلم وطريقة تعامله مع طلابه في استيعابهم للمعلومات التي يطرحها، والأفكار الجديدة التي يقدمها، وخاصة الأطفال في الصفوف الأولى فالمعلم هو أهم شخصية يقتدي بها الطالب ويتأثر بها.
*عدم قدرة المعلم على إيصال المعلومات لأذهان الطلاب:
يؤدي إلى عدم إتقان الطالب للمهارات الأساسية في المادة والملل من الدراسة.
*الأفكار والمعتقدات التي تؤمن بها أسرة الطفل:
فنظرة بعض الأسر السلبية نحو المدرسة بسبب انشغالهم بالأعمال الحرة، ورغبتهم في تعليمها لأطفالهم كالتجارة مثلاً، والتقليل من أهمية التعليم أمام الطفل، تجعله يؤمن بهذه القيم ويتبناها، أو قد نجد السبب في عدم وجود جو أسري مناسب للدراسة نتيجة للمذاكرة الخلافات الأسرية أو الحرمان من الأم أو الأب.
*عدم إدراك الأسرة لمشاكل الطفل الصحية واكتشافها بمرحلة مبكرة:
فبعض الأطفال يعانون من مشاكل في السمع أو النظر، تؤثر على متابعتهم لدروسهم وتنعكس على علاقتهم بالمحيط وتحصيلهم الدراسي، مما يضع الطفل بحالة نفسية صعبة كونه غير قادر على أن يكون كأقرانه.
*عدم الوعي بأهمية وجود هدف في حياة الطفل:
مسؤولية الآباء بالدرجة الأولى، فوضع هدف للطفل أمر هام، ويتم من خلال الحوار والنقاش مع الطفل، مع مراعاة معه أن تكون أهدافاً بسيطة بداية، بحيث يتمكن من تحقيقها، وما إن يتم هذا الأمر حتى تتعزز ثقته بنفسه ويكبر طموحه ويجتهد لتحقيق أهداف أنبل وأسمى على المدى البعيد.
متى يشعر الطفل بالكره اتجاه المدرسة
تؤكد إحدى الدراسات أن كراهية الذهاب للمدرسة تظهر بالتدريج عند الكبار وفي سن المراهقة، بينما تظهر فجأة عند الأطفال بعمر صغير ويعود السبب لحدوث صدمة مفاجأة أدت لكره الطفل للمدرسة، وفي العادة تبدأ المشكلة عندما تشتكي المدرسة من الطفل، أو عندما نعمل على ترهيب طفلنا أحياناً وترغيبه أحياناً أخرى بالذهاب إلى المدرسة، إذ يعاني العديد من الأهالي من مشكلة رفض أبنائهم الذهاب إلى المدرسة بحجج مقنعة أحياناً مثل آلام الرأس أو البطن وفقدان الشهية والغثيان والقيء، وهذه الأعراض تظهر على الطفل قبل الذهاب للمدرسة أو أثناء تواجده فيها.
كما تؤكد دراسات علمية أخرى بأن الأطفال الذين يرفضون الذهاب للمدرسة غالباً ما يأتون من أسر لها قلقة ومتوترة ويعاني أفرادها العصبية، بينما الأطفال الذين يهربون من مدارسهم يأتون غالباً من أسر كبيرة العدد تكون فيها رعاية الوالدين شبة مفقودة.
العلاج:
يعتمد العلاج على معرفة السبب الحقيقي لكره الطفل للمدرسة، ففي الحالات البسيطة فيمكن للوالدين علاج المشكلة بالحوار مع الطفل والتعاون مع معلميه، أما في الحالات المتقدمة لابد من اللجوء للطبيب النفسي ومن المهم إيجاد علاقة بين الطفل والطبيب المعالج تقوم على الثقة، والطبيب هو من يحدد الزمن الملائم لعودة الطفل للمدرسة حتى لا يعود مرغماً وتزداد حالة الكره لديه ويفقد الثقة بمن حوله.