البحث المتقدم

مواضيع عامة

الانفصال النفسي بين الأزواج - 17,Dec 2016

الانفصال النفسي بين الأزواج


هل سمعت يوماً بالانفصال النفسي بين الأزواج، كأن يكون الزوجان غريبان؟ رغم عيشهما معاً تحت سقف واحد؟

أو ينعدم التواصل الحميمي فيما بينهم؟

هي ظاهرة موجودة على مسرح الحياة الزوجية تندرج تحت عنوان الانفصال النفسي بين الأزواج.

وعندما تصبح العلاقة الزوجية مجرد صورة، وعندما يخلو كل شيء بين الزوجين من معناه الفعلي، وعندما تفرغ تلك العلاقة الرائعة من محتواها الحقيقي، يصبح حينئذ استمرار الحياة الزوجية من الصعوبة بمكان، الا أن كلا الزوجين أو أحدهما قد يقبل الاستمرار في تلك العلاقة الجافة، واستمرار ذلك الزواج الصامت، وقد يكون القبول باستمرار ذلك الوضع الغريب، راجعاً لعدد من الأسباب، التي قد يكون بعضها منطقياً ومفهوماً كوجود الأطفال، وقد يكون بعضها الآخر غير معقول ولا مقبول، فكأن الزوجين قد اختار الحياة في الصمت، أو التشاغل بالنفس في عالمه الخاص، أو الوحدة والانفصال النفسي عن الزوج.


الانفصال النفسي

يمكن تعريفه بأنه: حالة نفسية، يشعر فيها أحد الزوجين أو كليهما بمشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر، بما يؤدي إلى عدم إمكانية التواصل العقلي والنفسي والجسمي بينهما، وينفرد كل منهما بحياة عقلية ونفسية خاصة، فيستمر الزواج شكلاً، وينتهي مضموناً.

 


أسباب الانفصال النفسي


ـ الفشل في الحصول على اهتمام الطرف الآخر: مما يؤدي إلى التباعد النفسي التدريجي بين الزوجين، وتظل الفجوة النفسية بينهما في الزيادة إلى أن تستعصي.

ـ قد يتم الاختيار منذ البداية بناء على بعض المقومات الخاطئة: التي تفي بمتطلبات الحياة الزوجية، والتي لا تؤدي إلى التفاهم الصحيح بين الزوجين، أو قد يتم الاختيار بناء على أحد المقومات التي لا تكفي وحدها لاستمرار العلاقة الزوجية.

ـ تسرب الملل والفتور إلى العلاقة الزوجية: دون اهتمام الزوجين بالقضاء عليهما منذ ظهورهما في حياتهما الزوجية، والملل والفتور لهما مؤشرات إذا ما لاحظها الزوجان فقد يسهل التغلب عليها قبل استفحال الأمر.

ـ اشتعال العاطفة وضراوة الحب قبل الزواج: يؤدي إلى التغاضي عن عيوب الطرف الآخر منذ البداية، فالانشغال بالحب والعاطفة دون إعمال العقل في سمات الطرف الآخر وتعرف مزاياه وعيوبه، قد يضيع على الطرفين فرصة الإفادة من المزايا، ويضعهما في مواجهة التعامل المباشر والصعب مع العيوب التي كان يمكن تجنبها منذ البداية.

ـ عدم السعي الحثيث للوصول إلى السعادة المنتظرة من الزواج: وانتظار الطرف الآخر حتى يعمل وحده على تحقيقها، ومن الخطأ تعطيل الحياة وانتظار السعادة التي قد لا تجئ نتيجة الانتظار، ومن السذاجة أن يظل أحد رهن شيء منتظر قد لا يجيء، فيؤدي هذا الانتظار الكئيب إلى الرتابة والملل.

ـ الخوف أو الخجل من شيوع فكرة بين الأقارب والجيران عن الزوجين مؤداها أن لديهما مشكلات زوجية، مما يدفعهما * خصوصا الزوجة *لتحمل الرتابة والملل، وتحمل حياة الانفصال النفسي بجفافها وجفائها.

ـ عدم اعتماد الزوجين مبدأ المصارحة بينهما: وتجنب المناقشات التي تتناول تحليل المشكلات التي يتعرض لها الزوجان، وتجنب فتح الموضوعات التي تحتاج إلى الصراحة في معالجتها، وتعتمد على الوضوح في طرحها، مما يؤدي إلى إقامة حاجز بينهما، ويظل ذلك الحاجز يزداد سمكه بزيادة عدم الصراحة في التعامل.

ـ اختلاف الميول والاهتمامات المشتركة بين الزوجين: وقد يرجع ذلك إلى اختلاف المستوى الثقافي الذي يؤدي بدوره إلى اختلاف طرق التفكير وأساليبه، مما يجعل التفاهم بين الزوجين عملية صعبة ومعقدة، وبالتالي يصير الاختلاف بينهما على كل صغير وكبير.

ـ العنف المتبادل بين الزوجين : فالعنف سواء كان من قبل الزوج تجاه زوجته، أو كان موجها من الزوجة لزوجها، يثير مشاعر في غاية السوء بين الزوجين أهمها النفور القوي بين الزوجين، والذي يقوم بدوره بتدمير العلاقة بينهما.

ـ يظن كثير من الأزواج أن العلاقة الحميمة بين الزوجين منفصلة عن العلاقات الشخصية: ويظنها مستقلة عن مسألة الخصام أو الرضا بينهما، فيلجأ كثير منهم إلى طلب ممارسة تلك العلاقة الخاصة جدا بعد الخلافات الزوجية، دون مراعاة لشعور المرأة.


أنواع الانفصال النفسي

 

ما يتعلق بعلم الزوجين: فقد يعيش أحد الزوجين أحياناً في وهم كبير، فيتوهم أن زوجته تجله أعظم إجلال، وتقدره أكبر تقدير، وتحترمه أيما احترام، وقد يصل به الوهم إلى أنه قد يعتقد أن زوجته تعيش أحلى أيام عمرها معه، وأنها تخشى نهاية العمر من جمال ما تشعر به من متعة معه، فهو لا يفكر إطلاقا في أن زوجته قد تكون غير راضية في بعض الأحيان عن بعض أفكاره، أو بعض تصرفاته، أو بعض علاقاته، وبالتالي فهو لا يختبر مدى رضاها عن حياتها معه، ولا يختبر مدى موافقتها على طريقته في الحياة، ولا يجلس معها جلسات تقويمية بهدف تعديل مسار الحياة.

 

 

ما يتعلق بعلم المجتمع:  وترجع معرفة المجتمع بالموضوع أو عدم معرفته به إلى عدد من الأسباب منها: رغبة أحد الزوجين في درأ الخطر قبل أن يتفاقم فيحكي للآخرين، أو ثرثرة أحد الزوجين بشكل طبيعي، أو كثرة الشكوى للأقارب في مقابل الكتمان الشديد، أو اليأس من محاولة الإصلاح، أو قد يكون أحد الزوجين عنيداً، أو أن يكون المجتمع الذي يعيش فيه ليس به شخص كبير يحترمه الزوج وينزل على رأيه، فلا يسمع إلا كلام نفسه، ولا يعتبر بأحد، ولا يرتدع بكلام أحد، ويرى أنه كبير وخبير بما يكفي لأن يعرف مصلحة نفسه، ويلوم الآخرين عندما يحاولون توجيه النصح له.


مراحل الانفصال النفسي


ـ المرحلة الأولى:

نقص التفاهم: في هذه المرحلة يكون الاختلاف بين الزوجين اختلافاً فكرياً، فتشوب العلاقة بينهما نقص التفاهم، وفيها يستمر معدل الاختلاف في الفهم في التناقص، ولا يستطيع كل منهما التماس العذر للآخر، ويظن كل منهما أن الطرف الآخر يقصد مضايقته، ولا يريد إلا مخالفته.

ـ المرحلة الثانية:

الانفصال الفكري: في هذه المرحلة ينعدم التفاهم بين الزوجين بالكلية، بعد أن ظل في التناقص في المرحلة السابقة دون توقف ودون علاج، فإذا انعدم التفاهم بين الزوجين تماماً، يحدث ما يسمي بالانفصال الفكري، فلا يكون ثمة التقاء بينهما في الفكر، ونتيجة لذلك لا تطرح بين الزوجين أية أفكار ولا تناقش بينهما أية موضوعات.

ـ المرحلة الثالثة:

ازدياد المشكلات كما ونوعاً:  في هذه المرحلة يزداد عدد المشكلات كما تنتشر بطريقة مستعرضة، فتشمل معظم جوانب حياة الزوجين، وتزداد فيها المشكلات نوعاً وعمقاً، فتصبح كل مشكلة على حدة وكأنها جبل يوشك أن ينهار على رأس الزوجين، وتظل في التعمق والتوغل حتى تستعصي على الحل، وفي هذه المرحلة يفكر الزوجان كثيرا في الانفصال الفعلي بالطلاق، وذلك نتيجة تكرار الاصطدام بينهما، وإذا كانت طبيعتهما الشخصية تسمح بتبادل العنف.

ـ المرحلة الرابعة:

الانفصال الجسدي:  في هذه المرحلة يكون التعامل المباشر والتلامس الجسدي بين الزوجين في أضيق حدوده، وتصبح فيها ممارسة العلاقة الخاصة بينهما عملاً روتينياً أشبه بأداء الوظيفة، مما يعقد علاقتهما، ويزيد مستوى كراهية كل منهما للآخر، وبعد تكرار ممارسة العلاقة الجنسية بينهما دون استمتاع، ودون إشباع نفسي، قد يعمد أحدهما أو كلاهما إلى الانفصال الجسدي عن الآخر بطريقة عملية، فقد يبدأ أحدهما في استخدام فراش مستقل في نومه، ولم يكونا معتادين ذلك الأمر من قبل، ويبدأ بينهما التقصير المتعمد أحيانا في العلاقة الحميمة.

ـ المرحلة الخامسة:

الانفصال النفسي:  هذه المرحلة هي الأخيرة، وتلك هي المرحلة التي نعنيها، وفيها يصبح الزوجان وكأنهما غريبان يعيشان في بيت واحد، أو كأنهما سجينان في زنزانة واحدة، لا يتقبل كل منهما الآخر ولا يستطيع مفارقته في نفس الوقت، وإذا فكر في مفارقته تجده لا يقدر عليها.


الآثار النفسية للانفصال

تتلخص المضار التي تصيب الأسرة والأبناء فيما يلي:


ـ يتسبب الانفصال النفسي بين الزوجين في دفع الزوجين * أحدهما أو كليهما * أو دفع بعض الأبناء إلى إدمان بعض العقاقير، أو الوقوع فريسة سهلة في براثن المخدرات.

ـ قد يتسبب في التفكك الأسري، فتجد كل من الزوجين مشغول بنفسه، ومهموم بمعاناته من زوجه، وبالتالي فهو مشغول باستمرار عن الأبناء.

ـ قد يتسبب في وضع أطفال تلك الأسر المضطربة في ظروف اجتماعية ونفسية وتربوية غاية في الصعوبة، فيظل الأطفال يعانون من الإحباط والصراع، مما يعوق نموهم الاجتماعي والانفعالي والخلقي، وقد يصيروا عرضة للاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية المختلفة.

ـ قد يتسبب في شعور كل من الزوجين بالعار نتيجة عدم إمكانية التفاهم، وصعوبة إدارة المنزل، والشعور أيضاً بالدونية نتيجة المقارنة بينهم وبين من هم أقل منهم في الإمكانات الشخصية والمادية والعلمية.